30 - 06 - 2024

يحيى قلاش في حوار ناري حول "قانون الصحافة والإعلام"الجديد: من يوافق يلحقه العار

يحيى قلاش في حوار ناري حول

نحن أمام دائرة مكتملة تصادر مهنة الصحافة وتنفذ اغتيالا حقيقيا لها
لم أكن مستهدفا بشخصي كنقيب .. لكن النقابة كانت المستهدفة لإخضاعها
تقرير اقصي الحقائق لثورة يناير حمل الإعلام جزءا من مسؤولية دفع الناس للثورة بسبب التضليل وعدم المصداقية
التنفيذ "العمياني" ليس مهمة أي نقيب ولو كنت نقيبا الآن لاستخدمت كل الأساليب لإيصال صوت الصحفيين
القانون تم في الظلام ولو اكتمل تمريره فلا صحافة ولا مؤسسات وسنترحم على "ديمقراطية الهوامش"
مواد الدستور تضمنت مكاسب غير مسبوقة لكن التشريع الجديد كارثة تقضي على مهنة "ملك الشعب كله"
لا أنوي الترشح من جديد لمنصب نقيب الصحفيين .. فالمناخ لايساعد
لست نادما على مافعلت في أزمة اقتحام النقابة .. وجمعية 4 مايو اتسمت بشحنة عالية من الغضب 
التخويف بحصار النقابة في حالة الاعتراض والحوار حول القانون الجديد دليل عجز
تزييف إرادة الصحفيين والادعاء بأن القانون الجديد هو الأفضل خطأ ومأساة
 
 الصحفيون الآن لا يتمتعون بحرية على الإطلاق وهناك قيود ومعاناة لم نرها فى تاريخ النقابة من قبل.

يحيي قلاش نقيب الصحفيين السابق، ومن غيره يمكن أن نحاوره حول قانون تنظيم الصحافة والإعلام الجديد، والذي أقره مجلس النواب بشكل نهائي يوم 15 يوليو الماضي، وينتظر مصادقة رئاسية ونشرا في الجريدة الرسمية ليبدأ العمل به، بمجرد بدء الحوار بدأت كلمات يحيى قلاش تخرج كالطلقات الكاشفة ، منذرة ومحذرة من كارثة وقاطعة بأنه في حال تطبيق هذا القانون سيكون ذلك بمثابة "إعدام للصحافة المصرية" وسينفتح "باب جهنم" على المعارضين،ولا يبقى بعدها غير أن "نترحم على الديمقراطية"

ويشير نقيب الصحفيين السابق إلى أن هذا القانون "يمثل كارثة" ويأتي "لصالح جهات بعينيها" لذا يجب على أعضاء النقابة أن يتصدوا لهذه الكارثة ، فالتاريخ سيكتب كل شيء ولن ينسي من وقف ضد مصلحة الصحفيين. كما يطالب بفتح باب الحوار لجموع الصحفيين حتى يتم الخروج من تلك الأزمة، وعلى أعضاء المجلس حماية الصحفيين وليس تضليلهم وتزييف حقيقة رفضهم لهذا القانون.

وإلى نص الحوار

* ما هي اهم النقاط التي تراها كارثية في قانون تنظيم الصحافة والإعلام الجديد؟

- مع الأسف ،المواد الكارثية في قانون الصحافة و الإعلام لا تعد ولا تحصي ، يكفي انه تم طبخه في الظلام علي مدي عام، بعيدا عن كل المؤسسات و الجهات المعنية، وهذه سمة ارتكاب الجرائم وليس اعداد التشريعات، كما ان فلسفة اي مشروع تكون دالة علي مقاصده، يكفي ان نطلع علي بعض نماذج من هذه المواد منها ٥، ١٠، ١٩ ، ٢٩ لنتأكد ان المهنة بعده ستتحول الي ذكري، وإبداء الرأي سيُصبِح كابوسا

هذا القانون لو تم تمريره والمصادقة عليه، فلا صحافة أو مؤسسات ولا غيرها، بعد ان تم تهميش أصحاب المصلحة، وأصبحت مؤسسات الرأي وبقايا معامل القوة الناعمة مجرد سلع و مشروعات، سنترحم حتى علي ما كنا نسخر منه ونسميه "ديمقراطية الهوامش"، فهذه الهوامش يطاح بها، وأصبح استمرارها أقصي أمانينا.

فمكسب الغاء الحبس في قضايا النشر بالدستور، والذي ناضلت الجماعة الوطنية والصحفية علي مدي عقود لانتزاعه، قد تم الإلتفاف عليه، وفتح باب جهنم من جديد بإباحة الحبس الاحتياطي في بعض الجرائم بهدف ترويع كل صاحب قلم، والهيئات التي أرادها الدستور محققة لاستقلال الصحافة والإعلام أصبحت مؤسسات تصفية وحجب وقمع ورقابة،  وبدلا من أن تنظم الحقوق تصادرها.

باختصار هذا قانون لايحقق أي مصلحة وطنية، وتمريره بلا حوار جاد ومخلص جريمة في حق الوطن، وتذكروا أن كل "من حفر قانونا لأخيه وقع فيه"

وأول مرة أجد موادا في الدستور، تضمن مكاسب غير مسبوقة تخص حرية التعبير والصحافة والإعلام، بإعتبارها حقوقا أصيلة للمصريين، ثم تتحول الي كارثة تشريعية تقضي علي مهنة هي ملك الشعب كله، وتقضي علي كل أمل يذهب بنا الي الدولة الديمقراطية التي نحلم بها، وما زلت غير قادر على تصور المشاركة بالصمت سواء من المؤسسات المعنية أو الزملاء الذين يتولون مواقع رأي و قرار. لنا في التاريخ عظة، فذاكرته لاترحم، ولا تعفي أحدا من الحساب. 

* هناك مخاوف من إعادة تقنين الحبس الإحتياطي في قضايا النشر من جديد ،بينما لا ينص القانون علي ذلك ؟وهل تري ان الإستثناء الوارد في المادة هو ما سيستغل من قبل الجهات الرسمية؟

فلسفة القانون الجديد الأساسية قائمة علي قمع وترويع الصحفيين، وبالتالي ضمانة عدم وجود الحبس الإحتياطي حين تتبدد مرة أخري ،معناه انها موجودة تحت الطلب ووقت اللزوم، لأن هناك تصميم عليها بشكل أو بآخر، وهناك نوع من التحايل فهي باقية في 3 جرائم علي الأقل، ويمكن أن تكيف طبقا لها الكثير من جرائم النشر، خاصة ان عدم الحبس الإحتياطي في قضايا النشر معلن ومنشور، ولا أحد يستطيع تغيير معالمه، والشخص الذي يتم مقاضاته له حيثية ولا يستطيع الهروب، فمن المؤكد ان من أراد أن يعيدها في ذهنه الترويع والتقييد، والإستخدام عند اللزوم وهذا يعتبر الخطر الحقيقي.

الرهان حاليآ هو أن بعض مواد القانون تفتقد المنطق والمشروعية التاريخية، والقوانين التي يتم صياغتها تتجاهل ضمانات أصبحت جزءا من الممارسة وتاريخ المهنة ومخالفة لروح الدستور، والمفارقة ان هناك دستور به مكاسب غير مسبوقة، لكن حينما تم ترجمته لمنظومة تشريعات، اكتشفنا ان فلسفة التشريع مناقضة تمامآ لفلسفة الدستور، لأنه القوانين التي تأتي لتفسير الدستور يفترض أن تعمل علي تنظيم الحقوق، لا أن تعوقها أو تقيدها.

وهذا القانون لصالح جهات بعينها، فلا يعقل ان يقوم الصحفيون بإصدار قانون لتقييد حرياتهم، وهذا القانون أطلق عليه الصحفيون:"قانون اغتيال المهنة" لكن قانون 93 لسنة 1995، كنا نطلق عليه "قانون حماية الفساد" ، وحينما نتحدث نقصد حرية الصحافة وليس حرية الصحفي، لأن الصحفي مندوب للرأي العام، وبالتالي يمثل تقييد حريته عدوانا علي حق عام وليس علي الصحفيين فقط، لذلك فإن مطالبنا بحرية الصحافة، مطالب عامة وليس فئوية

* هناك مخاوف من أن تؤدي شروط توفيق أوضاع الصحف الحالية مع القانون الجديد الذي تسبب في إغلاق صحف قائمة ،وتشرييد صحفيين؟ ماهو الحل؟

- جاء هذا القانون لتقنين إغلاق المواقع وحجبها، ففي حالة إغلاق صحيفة كان يتم التحدث مع المجلس الأعلي للصحافة، لكن هذا القانون أعطي مشروعية لإغلاق أي موقع وأصبحت هناك وسائل كثيرة تساعد علي ذلك، فهيئات الصحافة والإعلام ،خاصة المجلس الأعلي، تحولت من هيئات هدفها إستقلال الصحافة، والحفاظ علي حريتها وضمان إستقلالها، وضمان التنوع وعدم سيطرة حزب أو رأي سياسي عليها، إلي أجهزة تنفيذية، بمعني انها فقدت استقلالها وأصبحت تابعة للسلطة التنفيذية وتأتمر بأوامرها، وهذا يشكل خطرآ كبيرآ ويعتبر مخالفآ لجوهر النص الدستوري،لأن المجلس الأعلي للإعلام تحول الي جهاز رقابي وأداة من أدوات الحصار والقمع والإغلاق وحظر النشر، نحن الأن أمام دائرة مكتملة تصادر المهنة وتقوم بعمل عملية إغتيال حقيقي لها، بطريقة غير مسبوقة في تاريخ الصحافة بأكملها

* ماهي الفروق الجوهرية بين القانون الذي أقره النواب والمشروع المرسل من النقابة ،أيام ماكنت نقيبآ؟

- كانت هناك لجنة الخمسين والنقابة كانت طرفا فيها ،وضمت العديد من النقابات منها نقابة الصحفيين، والمجلس الأعلي للصحافة، ونقابة الإعلاميين، وإتحاد الأذاعة والتلفزيون، والنقابة العامة للعاملين بالطباعة والصحافة، وعملت هذه اللجنة علي مدار عام كامل وانتهت إلي مشروع "القانون الموحد للصحافة والإعلام"، انتهينا منه وتمت مراجعته مع الحكومة بشكل نهائي، وتقدمت به للبرلمان، لكن الحكومة قامت بإدخال تعديلات عليه بدون علمنا، وتحفظنا علي التعديلات.

 لكن هذا المشروع حتي بالتعديلات التي اعترضنا عليها، حينما أرسل للبرلمان حدث تحول جذري، بذريعة خروج المؤسسات أولا (المجلس الأعلي، والهيئتين) حتي يبدون رأيهم في المشروع ، مدعين أن الدستور يتطلب ذلك، وكان تلك مجرد "افتكاسة دستورية"، وبدل أن تتم الموافقة عليه وإخراجه إلي النور خلال  15 يوما، مثلما أدعوا وقتها، ظلت مشكلة المؤسسات مستمرة أكتر من 15 شهرا.

والقانون الذي أدخل الي البرلمان تم تغييره بالكامل دون حوار أومشاركة أو استماع حقيقي للنقابة والهيئات، وأبدوا بعض الملاحظات الشكلية، ولم يستدع أحد منهم للجنة الإستماع لتتم مناقشته.

والفلسفة التي كانت موجودة في القانون "الموحد" تم الإلتفاف عليها بالكامل وتصفيتها لها في المشروع الأخير الذي لا أحد يعلم ما الذي كان له يد البطولة في الإنتهاء منه بهذا الشكل، لانه اذا كانت لجنة الثقافة والإعلام – هي الفاعل - كان عليها أن تستدعي النقابة وشيوخ المهنة، وبعض الشخصيات العامة وتستمع للرأي العام، لكن كل ذلك لم يحدث، والذي حدث ان المشروع تم بطريقة ما، ثم خرج ليفرض نفسه علي الجميع.

 حتي بعض الملاحظات التي أبداها مجلس الدولة والجماعة الصحفية، تم الإلتفاف عليها والتمسك بصدورالقانونن بالعوائق التي بداخله، والفلسفة التي تناقض فلسفة الدستور.

* كصحفيين كنا نري ان ليس هناك تعاون من قبل الدولة مع يحيي قلاش حين كان نقيبا، وحوصرت النقابة أكثر من مرة، وحتى بعض شيوخ المهنة كان لهم رأي يخالف رأي النقابة، لماذا كانت تلك الحرب؟

- تصوير الأمر علي انه شخصي ليس حقيقيا، المستهدف لم يكن شخص النقيب بل النقابة ، وحينما حدث إقتحام للنقابة تصورت إمكانية معالجته ومناقشته بطريقة معينة وبحكمة، لكن كان واضحا أن ماحدث مقدمة لتطويع الصحافة وكسر إرادة الصحفيين، وما انتهينا إليه يوضح ما الذي تسبب في إقتحام نقابة الصحفيين ، وهذا يعني ان الهدف لم يكن شخص النقيب، بل ضد من يقف أمام فلسفة قانون كهذا، وضد من يعارض اغتيال المهنة، لذلك كان لابد من محاربة أصحاب توجه الاستقلال لإفساح الطريق أمام تمرير هذه السياسة لنهايتها، والأزمة كما نري كبيرة جدا.

وحتي الصحفيين المفترض انهم أصحاب مصلحة في هذا القانون ممنوعون من إبداء أرائهم فيه بكل الوسائل الممكنه، المهنة يتم جرها لغرفة الإعدام، مع العلم أن من يتم إعدامه يتم سؤاله أولآ "نفسك في ايه"؟  لكن تم منعنا نهائيآ من الحديث في الموضوع ،لذلك يجب ان يكون هناك تفسير موضوعي وليس شخصيآ

حينما كنت نقيبا وقبل وجود هذا المخطط، كانت النقابه تتعامل مع الدولة، وحصلت على 50 مليون جنيه بعد تصميمي علي إنتزاع حقوق الصحفيين، وكنت لا أعتبر ان هذه الأموال مبررا لبيع حقوق الصحفيين وإرادتهم، أو أن أكون طرفا في إعدام المهنة علي هذا النحو، لذلك كان لابد من ازاحة هذا الشخص ايآ كان اسم النقيب في ذلك الوقت، وذلك لتمرير هذا المخطط الذي نسير فيه منذ إقتحام النقابة وحتي الآن.

* هل مشكلة الدولة مع الصحفيين في نصوص القوانين أم في تطبيقها ؟علمآ بأن هناك مايزيد عن 20 صحفيآ نقابيآ محبوسين في ظل قانون 96 الذي يوفر ضمانات أفضل؟

- أي نظام تكون له رؤية للتعامل مع الإعلام، وهناك مساران ، مسار ديمقراطي ليس معقدا ويمكن أن تكون فيه أخطاء لكن أخطاء الممارسة الديمقراطية نستطيع السيطرة عليها، ومسار أخر يتمثل في القيام بعمليات قمع وفرض السيطرة والصمت والتقييد وهذا يعتبر خطأ فادحا، وكارثة.

أنا أتذكر في أول تقرير" للجنة تقصي الحقائق بعد ثورة يناير" كان  هناك جزء كبير منه يتعلق بتحميل الإعلام مسئولية التضليل وعدم المصداقية مما تسبب في غضب المواطنين، والقيام بثورة، لذلك فإن أي دولة تقمع وتقيد حرية الصحافة تدفع ثمن ذلك.

والدولة حاليآ تواجه تحديات داخلية وخارجية، والإعلام لابد أن يكون في المواجهة، فكيف تطالبه الدولة أن يحارب ويواجه التحديات وهو مكبوت أو مقموع، لابد ان ندرك ذلك الأمر.

وحتي الأحكام الدستورية ومحكمة النقض التي أنصفت حرية الصحافة أكدت تحمل تبعات الحرية وقبول بعض التجاوز، لأن الصحفي الحريص علي المصلحة العامة يمكن أن تكون كتاباته فيها حده وتجاوز، ونقبل ذلك حرصآ علي المصلحة العامة، لكن فكره تقييدها من المنبع غير مسبوقة، ففي تأميم الصحافة عام 1962 نوع النظام وقتها الصحف إلي منابر، بمعني أن هناك جرائد معارضة وأخرى مع الدولة، التنوع كان مطلوبا لأن الطبيعة البشرية قابلة للاختلاف، لكن اذا تم تطبيق هذا القانون لن تثق الناس في الصحف ولا المحطات الفضائية وسيلجأون لمنابر أخري، وهذا أكبر خطأ نرتكبه دون أن نشعر.

* كيف تري تصرف مجلس النقابة الحالي إتجاه القانون ،خاصة وأن النقيب الحالي صرح بأنه راضي عن التشريع بنسبة 80% ؟

- (يضحك) نسبة 80% لن تساعدنا علي دخول كلية الطب، أو كلية من كليات القمة!! للأسف الشديد لأول مرة في التاريخ، النقابة تمر بأزمة كببرة تمس مستقبل المهنة، ويكون الكيان النقابي علي هذا النحو، لذلك كنت ومازلت أتمني ان يلتف الجميع تحت سقف النقابة لمواجهة هذا القانون، وعلي رأسهم النقيب وأعضاء المجلس الحاليين، وأتمني أيضا ألا يوجد انقسام حول معالجة الأمر، خاصة وأن هذا القانون لن يكتب له البقاء طويلآ، وأي شخص شارك في وضعه وشارك فيه حتي ولو بالصمت سيلحق به العار، ضروري أن نتجمع الأن على المشتركات الموجودة، وإقرار قانون لا يعني نهاية المطاف، فالنقابة تستطيع إدارة حوار حقيقي مع الدولة ومع النظام والبرلمان لمراجعة أشياء تستحق المراجعة.

هذا القانون لا يحقق أي مصلحة سواء للدولة، أو للمهنة، وبالتالي يصبح محزنا أن نري أزمة بهذا الحجم وفي المقابل كل هذا الغياب من النقابة، علما أنها من المرات القليلة التي أجد فيها شبه إجماع من الصحفيين مع اختلاف أجيالهم وأعمارهم  على رفض هذا القانون لأن ليس لأحد المصلحه فيه، ومع كل أسف يمنع الصحفيون من إبداء أرائهم في القانون على صفحات صحفهم، لذلك يلزم الجميع الصمت.

هناك ضرورة لأن تجمعنا قيادتنا المنتخبة، والتي لها المشروعية، تحت سقف النقابة لإدارة حوار حول هذا القانون، وإدارة الحوار لايعني ان النقابة تدخل حربا مع الدولة، فهذا كلام ليس له أساس من الصحة، والدليل علي ذلك حينما صدر القانون 93 عقدت الجماعة الصحفية جمعية عمومية مفتوحة أستمرت لأكثر من عام، وكان الحوار مع مجلس النقابة والجمعية العمومية، من قبل من كانوا جسرا التواصل بتكليف مع الرئاسة وقتها، ولم يقل أحد حاصروا النقابة فهي في حرب مع الدولة.

إلغاء القانون 93 واستبداله بالقانون 96 لسنة 1996 كان لمصلحة الدولة والنظام، وذلك لممارسة السياسة وقتها، لكن السياسة أصبحت غائبة الآن وحل مكان المنطق السياسي، منطق تعليماتي أو أمني، وهذا يشكل خطرا ولا يؤدي الي حل.

لذلك أتمنى عقد جمعية عمومية غير عادية طبقآ للقانون، نستمع فيها لجميع وجهات النظر، وأمامنا خطوات كثيرة منها تقديم طلب للبرلمان، أو الذهاب للمحكمة الدستورية، توجد وسائل ديمقراطية كثيرة يمكن أن نفعلها، وأتمني أن يقود مجلس النقابة هذا الأمر وتكون لحظه فارقة في تاريخ النقابة.

 ليس هناك انقسام حول القانون ولا خلاف بين الصحفيين في ضرره عليهم وعلي المهنة، والمفروض أن الجهة المنتخبة والتي تعبر عن الجماعه الصحفية، تأخذ موقفا وتدعو إلى جمعيه عمومية تقوم بفتح باب الحوار، لكن غلق باب الحوار تمامآ ومحاولة تسويق انه أفضل قانون، يعتبر كارثه بكل المقاييس.

* كيف ستتصرف إذا كنت نقيبآ الأن، في ضوء ضغوط متواصلة من جانب السلطة لتمرير ماتريد من تشريعات؟

في دستور 2014 كان النقيب السابق ضياء رشوان هو من بدأ مع لجنة الخمسين، وكنت عضوا فيها من خارج النقابة، ثم بعد ذلك توليت منصب النقيب، وظل ضياء رشوان فى اللجنة وإستكمل المسيرة، وكان هناك نوع من الحوار وحاولنا أن نصل إلى حل مع الحكومة للمشروع الذى قمنا بعرضه، حتى لو قدمنا فيه بعض التنازلات, لكن لم نتنازل فيه عن حقوق وواجبات وترجمة مواد الدستور ترجمة حقيقية, واعترضنا على نقاط الخلاف، وأرسلنا للبرلمان اعتراضاتنا، الخلاصة ان تواجدنا فى مكان نتحمل فيه المسئولية جزء من مهمتنا، لذلك مازلت أنتظر من النقابة أن تبذل جهدا للوقوف ضد هذا القانون، لأن لا يصح ان تقول أمين على كل شيء.

إضافةً الى ذلك الذى يقوم بالضغط على النقابة له رؤية تحتاج ان توضع أمامها بعض الحقائق، حتى يتم تعديل تلك الرؤية وهذه مهمة النقابة ,ومعنى اني أكون منفذا "عميانى" ليست مهمة أى نقيب.

لذلك كنت سأقوم بمواجهة هذا القانون، لأنه ليس فى صالح الدولة أو الجماعة الصحفية بوجه عام، وكنت سأدخل كل المعارك حتى أقوم بإيصال أصوات الصحفيين إلى كل مكان، فالتاريخ يقول" ان الصحافة هي من تنتصر فى النهاية" ، سيكتب التاريخ كل شيء ولن ينسي أحدا.

* هل ترى فى الدعوة لجمعية عمومية غير عادية بداية لتحرك جدي ،ام أن هناك خطوات أخرى يجب أن تتخذها الجماعة الصحفية لمحاولة إسقاط القانون أو تعديله؟

- من وجهة نظرى أري أن هناك أهمية للحوار بأي شكل من الأشكال، وقبل عقد جمعية عمومية لابد من مؤتمرات تسبقها وتعقد أكثر من مرة حتى يكون هناك تهيئة للمناخ، لكن عقد جمعية عمومية بتلك السرعة لن يحقق الهدف، لأن الجماعة الصحفية أصبحت ترى ان النقابة غائبة تماماً عن المشهد، وهناك حالة من حالات الفرض من جانب السلطة، والموافقة على أن هذا أفضل قانون, وهذه تعتبر الكارثه الحقيقية، فنحن الأن نحتاج حوارا حقيقياً داخل النقابة وتحت مظلتها وتحت رعاية المجلس، يتم فيه لم أشلاء مجلس النقابة، ويجب أن يعترف أعضاؤه أننا أمام مشروع لم ترض عنه الأغلبية العظمى من الصحفيين, والحوار يكون مقدمة لاتخاذ كل الإجراءات القانونية للوقوف ضد هذا القانون، في الحوار تطرح أفكار، ونقوم بعمل لجان إستماع حتى تتم مشاركة الجميع، لذلك لابد أن نبدأ حالة الحوار، لنبث وجود حياة بين الصحفيين مرة أخرى، فلا يخافون من دخول نقابتهم للتحاور والاعتراض، كل هذا من دور المجلس وواجبه نحو الصحفيين, لكن بكل أسف الخطورة الحقيقية مايحدث حالياً من تزييف لإرادة الصحفيين وادعاء أن القانون هو أفضل قانون فى تاريخ الصحافة المصرية، هذا شيء غريب جداً من قبل النقابة التى من المفترض أنها تقف بجانب الصحفيين لمحاربة من يحاول تقييد أصواتهم وأقلامهم.

* هل تنوى ترشيح نفسك فى الإنتخابات القادمة لمنصب النقيب ؟  

- هذا المناخ لا يساعد على أى شيء، ولا يوجد العوامل التى تساعد على التفكير فى هذا الموضوع من الأساس, لذلك لا أنوي الترشح لهذا المنصب من جديد.

* هل هناك أمل فى جدوى التصعيد أم أنه سيخلق أزمة شبيهة بأزمة إقتحام الداخلية للنقابة؟

- أزمة إقتحام النقابة بما حدث فيها، كانت نوعا من العدوان الذى تسبب فى حالة غضب، لأنها لم تكن مسبوقة فى تاريخ الصحافة المصرية، وكان هناك إندفاع فى جمعية 4 مايو حيث كانت شحنة الغضب هائلة، وبالتالى هذه الجمعية لا يتم القياس عليها نهائياً لأنها تعلقت بحادثة غير مسبوقة، ومن يقول أننا إذا أعترضنا على هذا القانون سيتم محاصرة النقابة من جديد .. هذا دليل على عجزه، خاصةً وأن الصحفيين يرون أن تطبيق هذا القانون سيترتب عليه أن النقابة ستباع لغير الصحفيين، وستبقي لتلقي التعليمات فقط، وعلى غير إرادة أصحابها وأعضائها، والمعارك والأزمات التى خاضتها النقابة تمت معالجتها بالحوار وبالإتصالات مع الدولة, لذلك يجب إدارة حوار قوى للتصدى لهذه الأزمة، ويجب أن يكون هناك توحد من قبل مجلس النقابة ، دون النظر الى الماضي.

أزمة إقتحام النقابة لم يكن لها من رد إلا ما قمنا به، لأن من أهان النقابة وأعتدى علي بيتنا لايمكن أن نصمت له، ولا أندم علي مافعلته فى ذلك التوقيت ولا ألوم الصحفيين على مافعلوه.

وأى نقيب غير يحيي قلاش لم يكن ليقبل ذلك نهائياً، وبالتالى إستخدام هذا الموضوع لتأديب النقابة لتكون فى هذا المشهد الموجوده فيه حالياً أمر مرفوض نهائياً، وإذا راجعنا تاريخ النقابة بأكمله سنري أن مانحن فيه الآن سابقة لم تحدث من قبل.

* هناك إنقسام فى مجلس النقابة وقدم أحد الأعضاء استقالته، هل تعتقد أن هذا الإنقسام هو مايؤدى الى شلل نقابي وعجز عن التصرف؟

- مشهد مجلس النقابة منقسم، لكن لا يوجد إنقسام داخل النقابة، المجلس دائماً فيه تنوع بين الأعضاء، ولكن إختلافهم حالياً سببه خلق حالة من حالات الجمود، خاصةً وان النقابة فى الوقت الراهن لا تدار بين أعضاء المجلس لكن تدار بمحاولة فرض هذا القانون على جموع الصحفيين وهذا يعتبر خطأ غير مقبول.

* ما هي رؤيتك لمستقبل المهنة إذا ما استمر الوضع الحالى بنفس ظروفه وسياقه وضغوطه على الجماعة الصحفية والإعلاميين بشكل عام؟

- تقديري ان الوضع الحالى غير قابل للاستمرار بهذه الطريقة، لأن ما يحدث ضد المنطق ولن يعيش كثيراً، ودائماً معارك الحرية يتم كسبها بالنقاط وليس بالضربة القاضية، وبالاطلاع علي تاريخ النقابة.. أنا متفائل بالرغم من الظروف السيئة التى نمر بها.

* هل نستطيع أن نقول توصيف نقابة الصحفيين كقلعة للحرية أصبح جزءاً من الماضي أم ان هناك إمكانية لإعادة هذه الصورة الذهنية فى ظل التحديات القائمة؟

- هذه لحظة إستثنائية ولا يبنى عليها، وبناء المستقبل يقاس على الوضع الطبيعي للأشياء وهو السير الى الأمام، ونقابة الصحفيين ستظل قلعة للحرية ولا يمكن أن تكتب كلمة النهاية للنقابة، لا يستطيع أحد فعل ذلك بإجراءات إستثنائية، ستكتب فى التاريخ بأنها لحظه عابرة، ولا يمكن لأحد بأن يسقط  التاريخ العريق لنقابة الصحفيين.

* هل ترى أن الجماعة الصحفية تمتعت بحرية فى ظل الوضع السياسي الحالى؟

- على الإطلاق.. وهناك قيود ومعاناة لم أرها فى تاريخ النقابة من قبل، نحن فى لحظة صعبة جداً وفارقة وغير مسبوقة ولن تكون قابلة للإستمرار لأنها ضد المنطق، وهذا القانون سيؤدى الى إعدام المهنة والقضاء عليها،لذلك أدعو الجميع إلى الإلتفاف تحت سقف النقابة ،لأن التاريخ سيكتب كل شيء ومن يقف ضد مصلحة الصحفيين سيلحقه العار.
 _____
 حوار- بسمة رمضان






اعلان